Thursday, August 6, 2009

فى الحسين

قد قال لى يوماً أبى:

إن جئت ياولدى المدينة كالغريب

وغدوت تلعق من ثراها البؤس

فى الليل الكئيب ...

قد تشتهى فيها الصديق او الحبيب

إن صرت ياولدى غريباً فى الزحام

أو صارت الدنيا امتهاناً فى امتهان

أو جئت تطلب عزة الإنسان فى دنيا الهوان

إن ضاقت الدنيا عليك

فخذ همومك فى يديك

واذهب إلى قبر الحسين

وهناك "صلى" ركعتين

***

كانت حياتى مثل كل العاشقين

والعمر أشواق يداعبها الحنين

كانت هموم أبى تذوب ...بركعتين

كل الذى يبغيه فى الدنيا صلاة فى الحسين ...

أو دعوة لله ان يرضى

لكى يرى جد الحسين

قد كنت مثل أبى أصلى فى المساء

وأظل أقرأ فى كتاب الله التمس الرجاء

أو أقرأ الكتب القديمة

أشواق ليلى أو رياض...أبى العلاء

****

وأتيت يوما للمدينة كالغريب..

ورنين صوت أبى يهز مسامعي

وسط الزحام..

وفى الزحام يهزنى فى مضجعى

ومدينتى الحيرى ضباب فى ضباب

أحشاؤها حبلى بطفل

غير معروف الهوية

أحزانها كرماد أنثى ..

ربما كانت ضحية

أنفاسها كالقيد يعصف بالسجين

طرقاتها سوداء ..كالليل الحزين

أشجارها صفراء والدم فى شوارعها يسيل

كم من دماء الناس ينزف دون جرح ...أو طبيب

لا شىء فيك مدينتى غير الزحام

أحياؤنا سكنوا المقابر

قبل أن ياتى الرحيل

هربوا إلى الموتى أرادو الصمت فى دنيا الكلام

ما أثقل الدنيا وكل الناس تحيا بالكلام

****

درب المدينة صارخ الألوان

فهنا يمين أو يسار قاني

والكل يجلس فوق جسم جريمة

هى نزعة الأخلاق فى الإنسان

أبتاه أيامى هنا تمضى مع الحزن العميق

وأعيش وحدى

قد فقدت القلب والنبض ..الرقيق

درب المدينة يا أبى درب عتيق

تتربع الأحزان فى أرجائه

ويموت فيه الحب ...والأمل الغريق

****

ماذا ستفعل يا أبى عن جئت يوماً...دربنا

أترى ستحيا مثلنا ؟

ستموت يا أبتاه حزنا ..بيننا

وستسمع الأصوات تصرخ ...يا أبى:

ياليتنا ...ياليتنا ..ياليتنا

وغدوت بين الدهر التمس الهروب

أين المفر؟!

والعمر يسرع للغروب

***

أبتاه ....لا تحزن

فقد مضت السنين ولم أصلٍِ فى الحسين

لو كنت يا أبتاه مثلى

لعرفت كيف يضيع منا كل شىء...

بالرغم منا قد نضيع

بالرغم منا قد نضيع

من يمنح الغرباء دفئا فى زمن الصقيع؟

من يجعل الغصن العقيم

يجيء يوماً ..بالربيع؟

من ينقذ الإنسان من هذا القطيع؟!

***

أبتاهٌ..

بالأمس عدت إلى الحسين

صليت فيه الركعتين..

بقيت همومى كما هىَ

صارت همومى فى المدينةِ

لا تذوب ..بركعتين

_____

فاروق جويدة

No comments: